في خطوة وُصفت بالتاريخية، نقل وفد من حزب الشعوب الديمقراطي (DEM) بيانًا من ثلاث صفحات عن زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK) عبد الله أوجلان، بعد زيارته لسجنه في جزيرة إمرالي. دعا أوجلان في البيان إلى إنهاء النزاع المسلح وإعادة النظر في مستقبل الحزب، مشيرًا إلى أن المقاومة المسلحة لم تعد ذات معنى في ظل التطورات الديمقراطية في تركيا والتغيرات الإقليمية الأخيرة.
دعوة أوجلان إلى إنهاء الصراع المسلح
حثّ أوجلان التنظيم الذي أسسه على إلقاء السلاح وحل نفسه، معتبرًا أن الكفاح المسلح كان ضرورة في الماضي بسبب سياسات إنكار الهوية الكردية والقيود المفروضة على الحقوق والحريات. لكنه أشار إلى أن الظروف الحالية تتيح فرصًا للحل السياسي وبناء مجتمع ديمقراطي يضمن حرية التعبير والتنظيم الذاتي لكافة المكونات.
وقال أوجلان في بيانه: “يجب على جميع المجموعات أن تلقي أسلحتها، وعلى حزب العمال الكردستاني أن يحل نفسه”، مؤكدًا أن دعوته تشمل الفروع التابعة للحزب في سوريا وإيران. كما شدد على أن الدولة القومية المنفصلة أو الحكم الذاتي لا يلبّيان احتياجات المجتمع الكردي والتركي.
قراءة البيان في المدن الكردية وبثه علنًا
تمت قراءة بيان أوجلان علنًا من قبل “وفد إمرالي”، الذي ضم سياسيين من حزب الشعوب الديمقراطي (DEM)، بالإضافة إلى محامٍ يمثله وسياسي مقرب من قيادة PKK في جبال قنديل. كما تم بث البيان مباشرة عبر شاشات ضخمة في مدينتي فان وديار بكر، وسط ترقب واسع في الأوساط السياسية الكردية والتركية.
التداعيات السياسية والموقف التركي
تعتبر تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية بسبب هجماته على المدنيين. وكانت مفاوضات غير معلنة قد جرت بين الحكومة التركية وأوجلان العام الماضي، وكشف عنها الزعيم القومي التركي دولت بهجلي، رئيس حزب الحركة القومية وحليف الرئيس رجب طيب أردوغان.
وفي أكتوبر الماضي، دعا بهجلي أوجلان إلى إلقاء خطاب أمام البرلمان يدعو فيه رسميًا إلى حل PKK، في خطوة قد تمهد لإمكانية الإفراج عنه بموجب مبدأ “الحق في الأمل”، الذي يتيح الإفراج المشروط بعد 25 عامًا من السجن.
ويرى مراقبون أن تصاعد التوترات الإقليمية، خاصة بين إسرائيل وإيران، لعب دورًا في قرار الحكومة التركية استئناف المحادثات مع أوجلان. وقال مصدر تركي لموقع “ميدل إيست آي” إن أنقرة تتوقع امتثال PKK لدعوة أوجلان، لكنها مستعدة لاستخدام القوة ضد أي فصائل قد ترفض ذلك.
استراتيجية تركيا ضد PKK
منذ 2016، تمكنت تركيا من طرد PKK من أراضيها عبر التكنولوجيا العسكرية المتقدمة، مثل الطائرات المسيّرة وأنظمة الحرب الإلكترونية، كما أقامت قواعد عسكرية شمالي العراق لتقييد تحركات التنظيم، مما أثر على قدراته العملياتية بشكل كبير.
في هذه الأثناء، لم يشارك أردوغان بشكل مباشر في المفاوضات، تاركًا زمام المبادرة لحليفه بهجلي، لكنه أدلى بتصريحات توحي بموافقته الضمنية على هذه الخطوة.
خاتمة
تعتبر دعوة عبد الله أوجلان لحل حزب العمال الكردستاني لحظة مفصلية في تاريخ الصراع بين الأكراد والدولة التركية. وبينما تترقب الأوساط السياسية تداعيات هذه الخطوة، يبقى السؤال الأهم: هل ستتجاوب الفصائل المسلحة مع هذه الدعوة، أم أن الصراع سيستمر بوجوه جديدة؟
