ألمانيا تستعد للحرب على طريقتها: احتياطي وطني من “الرافيولي”

هيئة التحرير
Published شهر واحد ago on 8 سبتمبر, 2025-1 views
ألمانيا تستعد للحرب على طريقتها: احتياطي وطني من “الرافيولي”

برلين – 8 سبتمبر 2025 | عرب 24
في مشهد يلخص حجم التحولات التي تعيشها ألمانيا، لم يعد الحديث عن الدبابات والصواريخ وحده عنوان الاستعداد لمواجهة التهديدات الأمنية، بل دخلت الأطعمة المعلبة على خط النقاش السياسي. فقد دعا وزير الزراعة ألويس راينر إلى إنشاء “مخزون وطني من الوجبات الجاهزة”، يتضمن معلبات الرافيولي والعدس، يمكن استهلاكها فور تسخينها في أوقات الأزمات.

بين السخرية والجدية

الفكرة أثارت موجة من التعليقات الساخرة في الإعلام الألماني، لكنها في الوقت ذاته كشفت عن واقع أمني جديد. الحكومة الفيدرالية تسعى لجعل البلاد “جاهزة للحرب” بحلول 2029، وهو الموعد الذي تتوقع فيه برلين أن تكون روسيا قادرة على مهاجمة عضو في حلف شمال الأطلسي. الاستعدادات لا تقتصر على إعادة التسلح، بل تشمل أيضاً تأمين الإمدادات الغذائية للسكان.

كلفة الخطة

التقديرات الأولية تشير إلى أن إنشاء مخزون وطني من الوجبات الجاهزة سيكلف نحو 105 ملايين دولار، على أن تتولى سلاسل الغذاء الكبرى عمليات التخزين واللوجستيات. ويعتبر الوزير أن الأطعمة الأساسية المخزنة حالياً مثل الحبوب والعدس المجفف تستغرق وقتاً أطول للتحضير، ما يجعلها أقل ملاءمة لحالات الطوارئ السريعة.

ذاكرة الحرب والجوائح

منذ ستينيات القرن الماضي، احتفظت ألمانيا بمخزونات استراتيجية من المواد الغذائية الأساسية، لكن أهميتها تراجعت مع مرور الوقت. في 2016، تعرض وزير الداخلية آنذاك توماس دي ميزير لانتقادات واسعة عندما دعا المواطنين إلى تخزين مواد غذائية ومياه تكفي لعشرة أيام. لكن بعد جائحة كورونا وأزمة نقص السلع، تغيرت النظرة العامة، وباتت الدعوات للاحتياط تُقابل بجدية أكبر.

أبعاد أوروبية

التجربة الألمانية ليست معزولة. ففي سويسرا، أثارت محاولة الحكومة عام 2019 لإلغاء مخزون القهوة احتجاجات شعبية واسعة أجبرت السلطات على التراجع. أما في النرويج، فتوصي السلطات بوجود أقراص يود تحسباً للحوادث النووية، إلى جانب وسائل ترفيه مثل الألعاب اللوحية للتعامل مع العزلة في الملاجئ.

أمن غذائي ومدني

المسؤولون الألمان يشددون على أن التخطيط لا يقتصر على الحرب المحتملة، بل يشمل أيضاً الاستعداد للكوارث الطبيعية أو الحوادث النووية. مكتب الحماية المدنية أعلن عن خطط لتوسيع شبكة الملاجئ، وتحويل محطات المترو والمرائب إلى أماكن إيواء، فيما يُحضّر تطبيقاً رقمياً لإرشاد المواطنين إلى أقرب ملجأ.

خلاصة

بينما يثير “احتياطي الرافيولي” شيئاً من الطرافة، فإنه يعكس واقعاً جديداً في أوروبا: الحرب لم تعد احتمالاً بعيداً، والاستعداد لها بات يشمل كل تفاصيل الحياة اليومية، من جاهزية الجيش إلى وجبة ساخنة على عجل.

Breaking News
error: Content is protected !!