بولندا تبني أقوى جيش بري في أوروبا: استعراض قوة أم مغامرة مكلفة؟

هيئة التحرير
Published شهر واحد ago on 3 سبتمبر, 2025-0 views
بولندا تبني أقوى جيش بري في أوروبا: استعراض قوة أم مغامرة مكلفة؟

وارسو – 2 سبتمبر 2025 | عرب 24

تسعى بولندا إلى إنشاء أقوى جيش بري في أوروبا عبر برنامج ضخم لتحديث قواتها المدرعة، يشمل شراء مئات الدبابات الحديثة من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وألمانيا. حجم الإنفاق والسرعة في التنفيذ يثيران تساؤلات داخلية وخارجية حول الهدف الحقيقي من هذه الخطوة، وما إذا كانت ضمانة للأمن أم مغامرة عسكرية باهظة التكاليف.


ميزانية دفاعية قياسية

أنفقت بولندا عام 2024 نحو 4.2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، فيما خصصت في موازنة 2025 ما يقارب 187 مليار زلوتي (44 مليار يورو)، أي 4.7% من الناتج المتوقع. جزء كبير من هذه الأموال يُوجَّه إلى شراء الدبابات والمركبات الهندسية، وبناء مراكز صيانة وتدريب متخصصة.


طموح عسكري غير مسبوق

ترى القيادة السياسية والعسكرية في وارسو أن مكانة بولندا الاقتصادية ودورها في الصراع الأوكراني يفرضان عليها امتلاك أقوى قوات برية في الاتحاد الأوروبي وواحدة من الأقوى داخل الناتو.

  • بنهاية 2026، يُتوقع أن تضم القوات البرية البولندية 779 دبابة حديثة:

    • 116 دبابة أميركية من طراز M1A1 Abrams

    • 250 دبابة M1A2 SEPv3 Abrams

    • 180 دبابة كورية جنوبية K2 Black Panther

    • 233 دبابة ألمانية Leopard 2 (نسختا 2PL و2A5)

  • بحلول 2030، يتجاوز العدد الإجمالي 1100 دبابة، أكثر من مجموع ما تمتلكه ألمانيا، فرنسا، بريطانيا وإيطاليا مجتمعة.


الدبابات مقابل أوكرانيا

بعد اندلاع الحرب، سلّمت بولندا إلى أوكرانيا نحو 350 دبابة، بينها 280 من طراز T-72، و14 “ليوبارد 2A4″، و60 PT-91 “تواردي”. وتستعد لنقل ما تبقى من هذا الطراز (150 مركبة) بمجرد وصول البدائل الحديثة.


فقدان الصناعة الوطنية

رغم تاريخ طويل في إنتاج الدبابات (T-34، T-55، T-72، PT-91)، فقدت بولندا خلال العقدين الماضيين القدرة الصناعية على تصنيع دبابات جديدة، واكتفت بالصيانة. آخر إنتاج محلي كان عام 2009 لمصلحة ماليزيا. هذا ما دفع وارسو إلى الإسراع في استيراد الدبابات الحديثة لتعويض النقص.


صفقات ضخمة مع واشنطن وسيول

  • في 2023، اشترت بولندا 116 دبابة M1A1 Abrams بقيمة 1.4 مليار دولار، تم تسليمها وتشغيلها.

  • ثم تعاقدت على 250 دبابة M1A2 SEPv3 Abrams، بقيمة 4.75 مليار دولار، وصلت أول دفعة منها (28 دبابة) في يناير 2025.

  • بالتوازي، وقّعت عقداً مع كوريا الجنوبية عام 2022 لشراء 180 دبابة K2 Black Panther، وصلت منها 110 حتى الآن، والباقي (70) يُسلّم قبل نهاية العام.

  • في أغسطس 2025، أعلن وزير الدفاع عن عقد إضافي بقيمة 6.5 مليار دولار للحصول على 180 دبابة أخرى من الطراز نفسه، مع خطط لإنتاج 700 نسخة محلية (K2PL) بدءاً من 2028 في مصنع “بومار لابندي” بمدينة غليفيتسه.


أعباء مالية ولوجستية

إدارة هذا الأسطول المتنوع من ثلاث دول مختلفة تفرض تكاليف صيانة ضخمة.

  • يُتوقع أن تكتمل خبرة مراكز الصيانة البولندية بدبابات Abrams فقط بحلول 2026/2027.

  • بعض الصيانة المعقدة ستبقى بيد خبراء أميركيين حتى 2028.

  • محركات الدبابات (AGT1500) ستُرسل عند الحاجة إلى الولايات المتحدة، فيما خصصت بولندا مخزوناً من 21 محركاً احتياطياً.

خبراء اقتصاديون في بولندا يرون أن كلفة التشغيل قد تستهلك معظم نسبة الـ5% من الناتج المحلي التي تطلبها الناتو للدفاع.


البعد الاستراتيجي

تعتبر وارسو أن موسكو تمثل التهديد المباشر للأمن الأوروبي. لذلك، ستتمركز الدبابات الجديدة قرب كالينينغراد وعلى الحدود مع بيلاروسيا، كجزء من سياسة الردع. لكن محللين روس يرون أن هذه الخطوة قد تدفع إلى تصعيد سباق التسلح بدل ضمان الاستقرار.


خاتمة

بينما تُقدَّم “البولونيز” العسكرية البولندية في استعراضات إعلامية كرمز للقوة الوطنية، يحذّر خبراء من أن هذه الطموحات قد تتحول إلى عبء مالي طويل الأمد، وربما إلى تهديد استراتيجي في حال تصاعد التوتر مع روسيا. فبعد الاستعراض قد يأتي “لحن جنائزي” آخر في المشهد الأمني الأوروبي.

Breaking News
error: Content is protected !!