طهران – 17 يونيو 2025 | عرب 24
دخل الصراع بين إيران وإسرائيل مرحلة استراتيجية جديدة، بعد أن أظهرت إيران قدرة غير متوقعة على الردّ والنجاة من ضربة أولى وصفت بأنها “قاصمة”. الضربات الإيرانية الأخيرة لم تُحدث فقط خسائر داخل إسرائيل، بل أربكت التقديرات الغربية، وأعادت خلط الأوراق في منطقة مشتعلة أصلًا.
1. ضربة لم تُنهِ المعركة: إيران تتعافى وتردّ
مع بداية الجولة الجديدة، شنّت إسرائيل ضربة مركزة استهدفت قيادات بارزة ومراكز حيوية داخل النظام العسكري الإيراني. التقدير الإسرائيلي – المدعوم أمريكيًا – كان يفترض أن إيران ستُشلّ مؤقتًا ولن تتمكن من الرد السريع.
لكن ما حدث خالف كل الحسابات:
-
إيران استعادت قدرتها على الحركة خلال وقت قصير.
-
نفّذت سلسلة ضربات دقيقة ومكثفة داخل إسرائيل.
-
أوقعت خسائر مباشرة في منشآت ومراكز حساسة، ما شكل صدمة لدى صناع القرار في تل أبيب وواشنطن.
2. تطوّر نوعي في أدوات الردّ
الرد الإيراني لم يكن تقليديًا. بل جاء متنوعًا ومركبًا:
-
ضربات صاروخية موجّهة استهدفت مطارات عسكرية ومنشآت للطاقة وشركات تطوير أنظمة دفاع.
-
هجمات إلكترونية عطّلت مؤقتًا بعض المنظومات الدفاعية الإسرائيلية.
-
تغطية إعلامية مضادة، مقابل تعتيم إسرائيلي رسمي، شمل اعتقال صحفيين حاولوا توثيق حجم الخسائر.
هذا التنسيق بين الأذرع العسكرية والسيبرانية يعكس تطورًا في العقيدة القتالية الإيرانية، ويمثّل تحولًا استراتيجيًا في نمط الرد.
3. إيران في الوقت بدل الضائع: خياران فقط
رغم نجاح الردّ، تبدو إيران الآن وكأنها تلعب في الوقت بدل الضائع. الخيارات أمامها باتت محدودة:
-
تنفيذ عملية عسكرية نوعية قد تقلب ميزان الردع.
-
أو إعلان امتلاك سلاح نووي، ما سيؤدي غالبًا إلى تدخل أمريكي مباشر.
في الحالتين، فإن طهران لم تعد تمتلك هامش المناورة السابق، بل تواجه سباقًا مع الزمن لإعادة تموضعها الاستراتيجي.
4. البيئة الإقليمية: اصطفاف واضح ضد طهران
المعطى الأخطر في هذا الصراع هو تغير مواقف دول الجوار، والتي لم تعد فقط على الحياد، بل باتت تشارك فعليًا في المواجهة:
-
سوريا فتحت مجالها الجوي للطائرات الإسرائيلية، في خطوة نادرة تعكس تنسيقًا غير معلن.
-
العراق بدأ باتخاذ مسافة من طهران، وظهرت مؤشرات تعاون أمني مع واشنطن.
-
مصر والأردن اعترضتا صواريخ ومسيرات إيرانية كانت متجهة إلى إسرائيل، ما يؤكد وجود تنسيق أمني واستخباراتي إقليمي نشط ضد إيران.
هذا الاصطفاف الإقليمي يعكس إجماعًا ضمنيًا على أن الدور الإيراني الإقليمي لم يعد مقبولًا، وأن لحظة تقييده قد حانت.
5. طموحات تركية وباكستانية في ما بعد إيران
مع اقتراب لحظة الانهيار الإيراني المحتمل، بدأت بعض القوى الإقليمية الاستعداد لمرحلة ما بعد طهران:
-
تركيا تراقب حدودها الشرقية، وتفكر في تكرار سيناريو تدخلها في شمال سوريا، ولكن هذه المرة في مناطق الأحواز أو الأكراد الإيرانيين.
-
باكستان تتابع المشهد بهدوء، لكنها قد تتدخل في لحظة فراغ أمني، خصوصًا في المناطق الحدودية التي تشكل عمقًا جيوسياسيًا حساسًا.
6. الجبهة الداخلية الإيرانية: هشاشة تهدد بالانفجار
التهديد الأخطر لا يأتي من الخارج فقط، بل من داخل إيران نفسها.
-
مع تصاعد الضربات، بدأت تظهر خسائر مدنية داخل طهران، ما قد يؤدي إلى انفجار شعبي.
-
النظام الإيراني يسعى لتصدير صورة “التماسك الداخلي”، لكن الواقع مختلف تمامًا.
-
الجبهة الداخلية هشّة، وأي تصعيد جديد قد يُفجّر الوضع الداخلي بشكل لا يمكن السيطرة عليه.
في حال تراكم عدد الضحايا المدنيين، قد تشهد البلاد احتجاجات أو اضطرابات واسعة النطاق، تضرب العمق الاستراتيجي للنظام.
خلاصة
المشهد الحالي يتجاوز “مواجهة محدودة” بين إيران وإسرائيل. نحن أمام تغيّر في قواعد الاشتباك الإقليمي، وظهور مرحلة جديدة تتسم بتعدد اللاعبين، وتعقيد التحالفات، وقرب لحظة الحسم.
إيران أثبتت أنها قادرة على الرد، لكن السؤال الحقيقي: هل تملك القدرة على الصمود في معركة طويلة متعددة الجبهات، داخلية وخارجية؟