تركيا كانت على علم مسبق بالضربة الإسرائيلية على إيران… لكن لماذا لم تُحذر طهران؟

هيئة التحرير
Published 4 أشهر ago on 17 يونيو, 2025-3 views
تركيا كانت على علم مسبق بالضربة الإسرائيلية على إيران… لكن لماذا لم تُحذر طهران؟

أنقرة – 17 يونيو 2025 | عرب 24

كشفت مصادر دبلوماسية وإعلامية متقاطعة أن تركيا تلقت إخطارًا مباشرًا من الإدارة الأمريكية بشأن الضربة الإسرائيلية على إيران، قبل ساعات من تنفيذها فجر الجمعة الماضي. وبحسب هذه المصادر، جاء الإخطار في إطار التنسيق العسكري الإقليمي، لتفادي الاحتكاك المباشر أو التصعيد غير المنضبط، لا سيما في المناطق الحساسة التي تنشط فيها القوات التركية، مثل شمال سوريا والعراق.

هذا التطور يفتح الباب أمام سؤال حرج يتداوله المراقبون والخبراء منذ لحظة انكشاف تفاصيل العملية: إذا كانت أنقرة على علم مسبق، فلماذا لم تُخطر طهران أو تنبّهها؟


الإخطار الأميركي لأنقرة: دقة التوقيت وحساسية المصالح

تشير المعلومات إلى أن الإخطار الأمريكي لم يكن عامًا أو في إطار تحالفات متعددة، بل جاء عبر قنوات مغلقة بين واشنطن وأنقرة، نظرًا لخصوصية الموقع الجغرافي التركي وتشابكه العسكري مع إيران من جهة، ومع إسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى.

وقد ساعد هذا التنسيق في منع وقوع تصادم عرضي أو ردود فعل غير محسوبة من جانب تركيا، التي تسيطر على نقاط استراتيجية قرب مناطق الصراع. لكن في المقابل، التزمت أنقرة صمتًا تامًا تجاه إيران، ولم تبلّغها أو تقدم أي تلميحات عن الضربة الوشيكة.


لماذا لم تُخطر تركيا إيران؟

1. الالتزام بالاتفاقات الأمنية مع واشنطن

تركيا، كعضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تخضع لقيود صارمة في التعامل مع معلومات استخباراتية مصدرها الولايات المتحدة. أي محاولة لتسريب هذه المعلومات إلى طرف ثالث، خصوصًا “خصم” أمريكي مثل إيران، قد تُعد خيانة أمنية وتؤدي إلى أزمة مع واشنطن.

2. موازنة دقيقة في السياسة الإقليمية

رغم التعاون السياسي والاقتصادي بين أنقرة وطهران، إلا أن العلاقة بين البلدين ليست تحالفًا استراتيجيًا، بل تقوم على توازن هش. وسبق أن تصادمت مصالح الطرفين في سوريا، العراق، وملف الغاز. وبالتالي، لم يكن لدى أنقرة ما يكفي من الدافع للمخاطرة بتقويض موقعها الدولي لصالح إيران.

3. المراهنة على الحياد التركي

أنقرة تسعى منذ سنوات إلى ترسيخ دورها كوسيط إقليمي، قادر على التحدث مع كل الأطراف. تدخّلها لتحذير إيران كان سيُفسر كاصطفاف عسكري ضد إسرائيل، ما يفقدها قدرتها على لعب هذا الدور، خصوصًا في ظل دعوات الرئيس رجب طيب أردوغان للوساطة بين الطرفين بعد الضربة.

4. تفادي ردود الفعل الانتقامية

تحذير إيران كان قد يدفعها للرد بشكل فوري أو مسبق على إسرائيل أو قواعد أميركية، وهو ما كانت أنقرة تخشاه من حيث تداعيات التصعيد على الحدود التركية أو المصالح الاقتصادية المشتركة.


موقف أردوغان بعد الضربة

عقب الضربة، أدلى الرئيس أردوغان بتصريحات حذّر فيها من “انفجار إقليمي يهدد أمن واستقرار الشرق الأوسط”، معتبرًا أن “استهداف البنية النووية لدولة إقليمية كبيرة مثل إيران يُعد خطوة خطيرة للغاية”. لكنه لم يُهاجم واشنطن مباشرة، ولم يُلمّح إطلاقًا إلى معرفته المسبقة.

كما عرض أردوغان استعداد بلاده للوساطة، وهي خطوة فسّرها مراقبون على أنها محاولة لاستعادة التوازن بعد الصمت التركي خلال العملية.


نظرة إلى المستقبل

صمت أنقرة عن تحذير طهران قد لا يمر دون تبعات سياسية. فرغم أن إيران لم تصدر موقفًا رسميًا حتى الآن يُحمّل تركيا المسؤولية، إلا أن هذا التطور قد يُعمق الهوة بين الجانبين ويضع العلاقات الثنائية تحت مجهر أمني جديد.

في الوقت نفسه، تبقى تركيا لاعبًا لا غنى عنه في المعادلة الإقليمية، لكن استمرارها في هذا الدور يتطلب منها مهارة دبلوماسية دقيقة في التعامل مع صراعات تتقاطع فيها الولاءات والمصالح والنفوذ.

Breaking News
error: Content is protected !!