تحليل جيو-استراتيجي للدكتور مروان العمارتي – أستراليا
هل يستطيع ترامب ضم غرينلاند وكندا وقناة بنما؟ هل يمكنه تهجير الفلسطينيين من الضفة وغزة؟
الإجابة الواضحة: لا.
لكن هل مجرد الحديث عن هذه الأفكار بلا تأثير؟ أيضًا لا.
ما يفعله ترامب ونتنياهو ليس مجرد استعراض سياسي، بل هو جزء من استراتيجية مدروسة تهدف إلى خلق واقع وهمي بحيث تصبح الأفكار المستحيلة قابلة للنقاش، والمشاريع غير القابلة للتنفيذ تبدو وكأنها سيناريوهات مطروحة. هذه ليست مجرد مناورات، بل إعادة تشكيل للوعي العام ودفع الخصوم إلى مواقع دفاعية بدلاً من وضعهم في موقف هجومي.
كيف يتم ذلك؟ 3 استراتيجيات خطيرة قيد التنفيذ
🔹 1️⃣ نظرية الدخان والمرايا (Smoke and Mirrors): تحويل الوهم إلى واقع إعلامي
📌 الهدف: خلق ضجة إعلامية ضخمة حول فكرة غير حقيقية، لجعلها تبدو كخيار مطروح.
كيف تُستخدم؟
• تكرار الحديث عن تهجير الفلسطينيين ليس لإمكانية حدوثه، بل لجعل الناس يتعاملون معه كاحتمال قابل للنقاش بدلاً من رفضه فورًا.
• تحويل النقاش من فشل إسرائيل عسكريًا في غزة إلى الحديث عن “أين سيذهب الفلسطينيون؟” وكأن رحيلهم أمر محتوم.
• إجبار الدول العربية المستهدفة (مصر، الأردن، الخليج) على نفي أو توضيح موقفها، مما يضعها في موقع دفاعي ويمنح القصة مصداقية زائفة.
🟢 النتيجة؟
يبدأ الجمهور بالتعامل مع التهجير كفكرة مطروحة بدلًا من جريمة حرب مستحيلة التنفيذ، مما يسمح بخلق مساحة لنقاشات كان يجب أن تُرفض من الأساس.
🔹 2️⃣ نظرية إغراق الساحة (Flood the Zone): السيطرة عبر الفوضى
📌 الهدف: إغراق الإعلام بسيل من التصريحات والقرارات غير القابلة للتطبيق، لإرباك الرأي العام ومنعه من التركيز على الحقائق الأساسية.
كيف تُستخدم؟
• ترامب يطلق وعودًا كبرى مثل شراء دول أو فرض حظر شامل، رغم معرفته أنها غير قابلة للتنفيذ.
• نتنياهو المحاصر بسبب فشله العسكري، يلجأ إلى تهديدات ضخمة لإبقاء الجميع في حالة رد فعل مستمر.
🟢 النتيجة؟
بدلاً من التركيز على هزائم إسرائيل، يصبح النقاش مشغولاً بالرد على تصريحات غير منطقية، مما يسمح بتمرير سياسات خطيرة وسط الفوضى الإعلامية.
🔹 3️⃣ نظرية صناعة القبول (Manufacturing Consent): التكرار يصنع القبول
📌 الهدف: تحويل الأفكار الصادمة إلى أفكار مقبولة عبر التكرار المكثف.
كيف تُستخدم؟
• طرح التهجير بشكل مستمر عبر تصريحات، تقارير، وتحليلات إعلامية حتى يصبح مألوفًا بدلًا من كونه غير مقبول.
• كما حدث في العراق، حيث تحولت أكذوبة أسلحة الدمار الشامل من كذبة إلى مبرر للحرب بسبب التكرار الإعلامي.
🟢 النتيجة؟
بدلاً من أن يكون التهجير مرفوضًا بالمطلق، يصبح جزءًا من “الحلول المطروحة”، مما يمنح إسرائيل وترامب فرصة للتلاعب بالرأي العام.
⚠️ الخلاصة: إدراك الخدعة قبل أن تتحول إلى واقع
🚨 الخطر الحقيقي ليس في قدرة ترامب ونتنياهو على تنفيذ مخططاتهم، بل في جعل الناس يتعاملون معها كاحتمالات ممكنة.
✅ المطلوب ليس فقط رفض الفكرة، بل رفض مجرد الحديث عنها كخيار سياسي مشروع.
✅ التركيز على الحقيقة الأساسية: إسرائيل فشلت عسكريًا، المقاومة فرضت معادلتها، وكل هذه التصريحات ليست سوى ضجيج لصرف الأنظار عن الواقع الحقيقي.
