يبدو أن حزب تحالف سارة فاغنكنشت (BSW) يمر بمرحلة اختبار حقيقي، حيث تتشابك العوامل السياسية الداخلية والخارجية لتشكل مستقبل الحزب في المشهد الألماني. ففي الوقت الذي ينجح فيه الحزب في جذب قاعدة جماهيرية جديدة، تواجهه تحديات إعلامية، سياسية، وأيديولوجية قد تعيق مساره نحو تحقيق نتائج قوية في الانتخابات المقبلة.
بين جذب الناخبين وخسارتهم
يُنظر إلى BSW على أنه بديل لليسار التقليدي، لكنه في الوقت نفسه يخاطب شريحة من الناخبين الذين كانوا سابقًا جزءًا من القاعدة الانتخابية لحزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) وأحزاب اليمين المحافظ. إلا أن موقف الحزب من الهجرة قد يؤدي إلى خسارة أصوات بعض اليساريين التقليديين الذين كانوا يرونه امتدادًا لفاغنكنشت كقيادية سابقة في حزب اليسار.
إضافة إلى ذلك، فإن دعم بعض قيادات الحزب لمشروع قانون الحد من تدفق اللاجئين، والتصويت مع الأحزاب اليمينية في البرلمان، قد يخلق انقسامًا داخل الحزب نفسه، مما يهدد تماسكه على المدى الطويل. فإذا لم يتمكن الحزب من إيجاد توازن واضح في سياساته تجاه اللاجئين والاقتصاد والطاقة، فقد يفقد شريحة واسعة من الناخبين الذين يرون فيه خيارًا ثالثًا بين اليسار التقليدي واليمين المتطرف.
السياسة الخارجية: رهان محفوف بالمخاطر
أما على صعيد السياسة الخارجية، فإن موقف BSW المعارض للدعم العسكري لأوكرانيا قد يجذب جزءًا من الناخبين الذين يرون أن ألمانيا يجب أن تنتهج سياسة أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة وحلف الناتو. لكن هذا الموقف قد يعرّض الحزب أيضًا لانتقادات واسعة من الأحزاب الأخرى والإعلام الألماني، خاصةً في ظل التوترات المتصاعدة بين الغرب وروسيا.
في المقابل، فإن تعامل فاغنكنشت مع إمكانية عودة دونالد ترامب إلى الحكم يظهر أنها تحاول إبقاء حزبها في موقع وسط، لا يعتمد على الولايات المتحدة في تحقيق السلام، ولكنه في نفس الوقت لا يتجاهل إمكانية أن يكون ترامب لاعبًا في إنهاء الحرب. هذه المقاربة قد تكون مكسبًا انتخابيًا إذا تمكن الحزب من تقديم رؤية مستقلة ومتزنة، لكنها أيضًا قد تصبح ورقة خاسرة إذا فشل ترامب في تنفيذ وعوده أو تغيرت أولويات السياسة الخارجية الأمريكية بعد الانتخابات.
هل يصبح BSW قوة مؤثرة في البرلمان؟
رغم التحديات التي يواجهها الحزب، إلا أن شعبيته المتزايدة تدل على أنه نجح في خلق خطاب مختلف عن الأحزاب التقليدية. وإذا تمكن الحزب من الحفاظ على وحدته الداخلية، وتقديم بديل سياسي مقنع للمواطنين الألمان الذين يشعرون بالإحباط من السياسات الحالية، فقد يحقق اختراقًا سياسيًا يجعله أحد القوى الجديدة في المشهد البرلماني.
ولكن يبقى السؤال: هل يستطيع BSW تحقيق التوازن بين شعبويته المتزايدة وبين الحفاظ على موقف سياسي واضح ومستدام؟ وهل سيتمكن من كسر هيمنة الأحزاب التقليدية وفرض نفسه كبديل حقيقي؟
الأشهر المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مصير تحالف فاغنكنشت، فإما أن يصبح قوة سياسية مؤثرة، أو أن يظل مجرد ظاهرة انتخابية عابرة سرعان ما تتلاشى.