تعيش الساحة السورية حالة من التغيير الجذري بعد سيطرة الثوار على العاصمة دمشق وفرار بشار الأسد إلى روسيا. يأتي هذا في ظل تصعيد إسرائيلي نوعي تمثل في قصف المطارات السورية وتدمير منظومات الدفاع الجوي، إلى جانب السيطرة على مناطق استراتيجية مثل جبل الشيخ والمنطقة العازلة في الجولان. هذه التطورات تطرح تساؤلات جوهرية حول مصير الثورة السورية، وقدرة الثوار على بناء مستقبل سياسي وعسكري مستدام.
التحولات العسكرية: انتهاء عصر الدفاع الجوي السوري
إسرائيل، وفقًا للمعلومات المتاحة، دمرت بشكل منهجي جميع مخازن الأسلحة السورية، المطارات، وأنظمة الدفاع الجوي، مما يجعل سوريا خالية من أي قدرة دفاعية جوية أو حتى رادارية. هذا الواقع الجديد يضع الثوار السوريين أمام تحدٍ مزدوج:
1. إعادة بناء القدرات الدفاعية: الثوار الآن في موقع السيطرة، لكنهم يفتقرون للموارد والتكنولوجيا لتعويض الخسائر العسكرية الضخمة التي أصابت البنية التحتية العسكرية.
2. التصدي للسيطرة الإسرائيلية: مع سيطرة إسرائيل على المناطق الاستراتيجية، يصبح استعادة السيادة الكاملة على الأراضي السورية تحديًا طويل الأمد.
الخروج الروسي والإيراني: فرصة أم فراغ سياسي؟
هروب الأسد وخروج القوات الروسية والإيرانية يخلق فراغًا سياسيًا كبيرًا. هذا الانسحاب قد يمنح الثوار الفرصة لبناء نظام جديد، لكنه يحمل تحديات رئيسية:
• الاعتماد السابق على الحلفاء الدوليين: روسيا وإيران كانتا الداعمتين الرئيسيتين للنظام السوري. خروجهم يعني غياب توازن القوى أمام إسرائيل أو الأطراف الإقليمية الأخرى مثل تركيا.
• التبعية المحتملة للثوار: السؤال المطروح هو مدى قدرة الثوار على التحرك باستقلالية بعيدًا عن تأثير القوى الإقليمية والدولية التي قد تسعى لاستغلال الفراغ لتحقيق مصالحها الخاصة.
السؤال الجوهري: هل الثوار في موقف قوة أم ضعف؟
الثوار نجحوا في السيطرة على دمشق، لكن:
• عسكريًا: يفتقرون إلى القدرة التقنية لمواجهة تفوق إسرائيل، سواء في الجو أو على الأرض.
• سياسيًا: رغم خروج الأسد، هناك تحديات لتأسيس حكومة قادرة على كسب الشرعية الدولية وإدارة البلاد وسط حالة التدهور الاقتصادي والإنساني.
• استراتيجيًا: العلاقة مع الأطراف الإقليمية مثل تركيا أو الدول الغربية ستحدد مستقبلهم. هل سيبقون مجرد أدوات في يد هذه القوى، أم سيتمكنون من بناء علاقات دبلوماسية مستقلة تخدم مصلحة سوريا كدولة؟
الخاتمة: ملامح المستقبل
الثورة السورية تمر بمرحلة دقيقة تتطلب رؤية استراتيجية واضحة. خروج الأسد يشكل نقطة تحول، لكنه ليس نهاية الطريق. على الثوار:
1. تعزيز الوحدة الداخلية: الانقسامات بين الفصائل يجب أن تنتهي لبناء قيادة موحدة.
2. استغلال الفراغ السياسي: خلق نظام سياسي جديد يستند إلى شرعية داخلية ودعم دولي.
3. العمل على إعادة بناء القوة العسكرية: بشكل يسمح لهم بمواجهة التحديات الأمنية واستعادة السيادة.
يبقى السؤال مطروحًا: هل يستطيع الثوار بناء مستقبل مستقل لسوريا؟ الإجابة تعتمد على مدى قدرتهم على التحرك بذكاء بين الواقع السياسي والعسكري المعقد.