البيانات الجديدة تكشف عن الركود الذي ضرب ألمانيا خلال الشتاء، ما أطاح بالتفاؤل بشأن تعافي أكبر اقتصاد في أوروبا وسط الصراع في أوكرانيا.
مكتب الإحصاءات أفاد اليوم الخميس بأن الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنسبة 0.3٪ في الربع الأول، بعد أن تراجع بنسبة 0.5٪ خلال الربع الأخير من العام الماضي، مما يتوافق مع التوقعات الأولية التي تحدثت عن الركود الشهر الماضي.
أدى تراجع الإنفاق الاستهلاكي في عدة قطاعات إلى هذا الوضع، حيث خفضت الأسر إنفاقها على الطعام والمشروبات والملابس والأحذية والأثاث، بالإضافة إلى انخفاض مبيعات السيارات الكهربائية بسبب تقليص الحوافز.
من ناحية أخرى، انخفض الإنفاق الحكومي، بينما ارتفع الاستثمار بفضل زيادة النشاط البنائي في ظل الأجواء الدافئة غير المعتادة.
المشكلة الرئيسية هي أن ألمانيا، رغم تجنبها لأسوأ السيناريوهات بعد الغزو الأوكراني، لم تتمكن من الهروب من الركود الذي كان المستشار أولاف شولتز يعتبره غير مرجح في يناير.
تواجه الصناعة صعوبات مع الركود العميق، مما يثير الشكوك حول إمكانية التعافي في الأشهر القادمة. وتضررت توقعات الشركات من ضعف القطاع الصناعي، حيث انخفض مؤشر توقعات المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية (Ifo) في مايو لأول مرة منذ ثمانية أشهر. كما أشارت رابطة غرف الصناعة والتجارة الألمانية (DIHK) إلى عدم نمو في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023.
رغم كل هذا، يظل هناك بعض التفاؤل، حيث يشير تقرير البنك المركزي الألماني إلى أن الاقتصاد قد يشهد نمواً طفيفاً في الربع الجاري، وذلك بفضل سجل الطلبيات الكبير وتحسن الوضع اللوجستي وانخفاض تكاليف الطاقة.
ومع ذلك، يواجه الطلب على السلع تحديات، حيث يفضل المستهلكون الإنفاق على السفر والترفيه في ظل التضخم العالي، مما يزيد من الفجوة في النمو الاقتصادي، وهو اتجاه يعتبر بعض المحللين أنه غير مستدام.
يوجد توقعات بأن النمو الاقتصادي الضعيف سيستمر. كارستن بريزسكي، اقتصادي في “آي إن جي”، قال في تقرير للعملاء: “يبدو أن التفاؤل في بداية العام تحول إلى شعور واقعي أكثر… فالقوة الشرائية المنخفضة، وضعف الطلبيات الصناعية، وتأثير التشديد النقدي القوي الذي لم يشهده العالم منذ عقود، والتباطؤ المتوقع في الاقتصاد الأمريكي، كل هذه العوامل تؤكد على ضعف النشاط الاقتصادي”.
توقع الاقتصاديون في “كوميرز بنك” انكماشاً آخر في الربع الثاني، في حين يتوقع البعض الآخر استمرار التعافي.
التضخم الذي يتجاوز الـ7٪ ولا يُتوقع أن ينخفض بسرعة، لا يعزز النمو، بل يزيد من الضغوط المالية، وفقاً للبنك المركزي الألماني.
وفي النهاية، تواجه جهود البنك المركزي الأوروبي لإعادة توازن الأسعار خطرًا، حيث قد يؤدي التشديد النقدي إلى تقليص الطلب، بينما تكون تكلفة القروض البنكية في ارتفاع، والزيادات في أسعار الفائدة لم تنته بعد، مما يشكل تهديدًا للنمو الاقتصادي.