هل يُشكل حزب البديل للألمان تهديداً للديمقراطية؟

هيئة التحرير
Published 8 أشهر ago on 23 فبراير, 2025-4 views
Co-leader and main candidate of the far-right Alternative for Germany (AfD) party Alice Weidel is pictured prior to the TV debate 'Wahlarena' with the main candidates in Berlin on February 17, 2025, less than a week ahead of parliamentary elections on February 23. (Photo by RALF HIRSCHBERGER / AFP)
Co-leader and main candidate of the far-right Alternative for Germany (AfD) party Alice Weidel is pictured prior to the TV debate 'Wahlarena' with the main candidates in Berlin on February 17, 2025, less than a week ahead of parliamentary elections on February 23. (Photo by RALF HIRSCHBERGER / AFP)

تحليل سياسي في ظل انتخابات البرلمان الألمانية اليوم

في ظل تقلبات السياسة الدولية وتحديات الاقتصاد العالمي، تشهد ألمانيا اليوم انتخابات برلمانية تاريخية في الثالث والعشرين من فبراير 2025، حيث يتأرجح المشهد السياسي بين التيارات التقليدية والتيار اليميني المتطرف الذي يمثله حزب البديل للألمان (AfD). يأتي هذا التحليل استناداً إلى شهادات عدة مؤرخين بارزين وآراء خبراء تناولت ظاهرة هذا الحزب وتداعياتها على المشهد الديمقراطي الألماني.

جذور الظاهرة والواقع الانتخابي

يبرز حزب البديل للألمان اليوم كقوة سياسية تجمع حوالي 20٪ من آراء الناخبين، معتمداً على خطاب يمزج بين المطالب المتطرفة مثل “إعادة الترحيل” وإنهاء عضوية ألمانيا في الاتحاد الأوروبي والعودة إلى العملة الوطنية القديمة. يُفسر هذا الارتفاع في الدعم بأنه انعكاس لثغرات النظام السياسي التقليدي في تلبية تطلعات الفئات المُهمشة، ما جعل الحزب يُقدم نفسه كـ”بديل” وحيد أمام السياسات الثابتة التي تتبناها الأحزاب التقليدية.

شهادات المؤرخين وآفاق التغيير

• تيموثي جارتون آش:

يُحذر آش من أن استمرار التحالفات التقليدية دون تقديم تغيير جوهري قد يؤدي إلى أزمة حقيقية في النموذج السياسي والاقتصادي الألماني. فهو يرى أن الدعم الذي يحظى به حزب AfD ليس مجرد موجة عابرة، بل هو مؤشر على استياء عميق يستحق الانتباه، خاصةً في ظل تبني الحزب لسياسات جذرية قد تغير معالم الدولة في المستقبل.

• كاتيا هوير:

تؤكد هوير أن المقارنات مع التيارات اليمينية المتطرفة في حقبة الثلاثينيات مبالغ فيها. فالدروس التاريخية المؤلمة لدى الشعب الألماني، إلى جانب الوعي العميق بالمآسي الماضية، تعمل كحاجز ضد تكرار تلك الأحداث، حيث أن المؤسسات الديمقراطية الراسخة تضمن عدم خروج الأمور عن السيطرة رغم ظهور خطاب متطرف.

• جيمس هاوس:

يشير هاوس إلى أن قاعدة دعم حزب AfD تتركز في المقام الأول في ألمانيا الشرقية، مما يحد من انتشار تأثيره على المستوى الوطني. كما يبرز أن النظام البرلماني الألماني المبني على تعدد الأحزاب والتحالفات يضمن عدم قدرة حزب متطرف على تشكيل حكومة منفردة، بل سيظل دوره محدوداً ضمن آليات الضغط والتفاوض السياسي.

القيادة الداخلية وتناقض السياسات

يُعد زعيم حزب AfD، أليس وييدل، شخصية محورية في تقديم صورة معتدلة نسبيًا على الصعيد الدولي، خاصةً بفضل قدراتها اللغوية والتواصلية التي سمحت لها بالتفاعل مع شخصيات بارزة مثل إيلون ماسك. ومع ذلك، تكمن التناقضات في داخل الحزب نفسه، حيث تواجه وييدل مقاومة داخلية في محاولاتها لتلطيف الخطاب، مثل محاولة حذف مصطلح “إعادة الترحيل” من المانيفستو، مما يعكس الصراع بين التيار المعتدل والمتطرف داخل الحزب.

الديمقراطية الألمانية: بين التحديات والمرونة

على الرغم من تزايد شعبية حزب AfD وظهور مطالب سياسية جذرية، يبقى النظام الديمقراطي الألماني متينًا بفضل آليات التحالف والتوازن بين القوى السياسية. فحتى وإن استطاع الحزب المتطرف جلب قاعدة انتخابية واسعة، فإن تعددية الأحزاب واستعداد الأحزاب التقليدية لاستخدام دعم AfD كأداة تفاوضية تضمن عدم انحراف السياسة العامة نحو التطرف. هذا التوازن يشير إلى مرونة النظام الديمقراطي الذي استطاع عبر السنوات امتصاص تأثيرات متعددة دون أن يفقد استقراره.

تشكل انتخابات البرلمان الألمانية اليوم اختباراً حقيقياً لمتانة الديمقراطية في مواجهة موجات الاستقطاب والظهور المفاجئ للقوى اليمينية المتطرفة. وبينما يُحذر مؤرخون من التراكم السلبي للاستياء الشعبي إذا استمر الحزب التقليدي في تقديم سياسات رتيبة، يبقى الأمل معقوداً على قوة المؤسسات الديمقراطية والوعي التاريخي لدى الشعب الألماني في مواجهة أي تهديد قد يحد من الحريات والديمقراطية. في نهاية المطاف، ستُثبت الانتخابات ما إذا كانت القوى التقليدية قادرة على استعادة الثقة وتحقيق التغيير المطلوب، أم أن نبوءات الأزمة كانت سابقة لأوانها.

Breaking News
error: Content is protected !!