باريس – 26 أغسطس 2025 | عرب 24
تصاعدت المخاوف في الأسواق الأوروبية يوم الثلاثاء من احتمال انهيار حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمرة الثانية خلال تسعة أشهر، في ظل أزمة ديون متفاقمة جعلت فرنسا، التي طالما وُصفت بأنها ركيزة أساسية في اقتصاد أوروبا، تتحول بسرعة إلى الحلقة الأضعف في الاتحاد الأوروبي.
تحذيرات وزارة المالية
قال وزير المالية الفرنسي إريك لومبارد في مقابلة إذاعية إن تدخل صندوق النقد الدولي لإنقاذ فرنسا “ليس احتمالاً مستحيلاً”، لكنه عاد وأوضح لاحقاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن فرنسا “ليست مهددة حالياً بأي تدخل من صندوق النقد الدولي أو البنك المركزي الأوروبي أو أي مؤسسة دولية”، مؤكداً أن بلاده ما زالت تموّل ديونها “من دون صعوبة”.
أزمة سياسية حادة
الأزمة تفجرت بعد إعلان رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، يوم الاثنين، عن الدعوة لتصويت على الثقة في البرلمان في 8 سبتمبر لمواجهة “خطورة” الوضع المالي. وأحزاب المعارضة تعهدت بإسقاط الحكومة من خلال رفض الموازنة الجديدة التي تتضمن خفض 44 مليار يورو من العجز عبر إجراءات صارمة، من بينها إلغاء عطلتين وطنيتين، وهو ما أثار غضباً واسعاً في الشارع الفرنسي.
وضع مالي خطير
بلغ العجز الفرنسي في 2024 نحو 168.6 مليار يورو، أي 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أسوأ من إسبانيا وإيطاليا واليونان. وارتفع الدين العام في الربع الأول من 2025 إلى 3.3 تريليون يورو، أي أكثر من 114% من الناتج المحلي. وحذر بايرو من أنه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة، فإن فوائد الدين ستصبح أكبر بند إنفاق حكومي بحلول 2029، لتصل إلى 100 مليار يورو سنوياً.
الأسواق تترقب
شركات مالية دولية مثل ING وغولدمان ساكس حذرت من أن انهيار الحكومة سيؤدي إلى موجة جديدة من عدم اليقين الاقتصادي. وقد شهدت البنوك الفرنسية الكبرى مثل BNP Paribas وSociété Générale، بالإضافة إلى شركة AXA للتأمين، انخفاضاً بأكثر من 5% في أسهمها، وسط مخاوف من خفض وكالات التصنيف الائتماني لتصنيف فرنسا.
تداعيات أوروبية
رأى اقتصاديون أن هذه الأزمة لا تهدد فرنسا وحدها، بل الاتحاد الأوروبي بأكمله، إذ إن استمرار ضعف النمو (0.8% متوقع هذا العام) مع تصاعد الديون قد يجعل فرنسا في وضع مالي أسوأ حتى من إيطاليا.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت احتمالات سقوط حكومة بايرو قبل نهاية سبتمبر إلى 83% وفق منصة المراهنات المشفرة “Polymarket”.
خلفية سياسية
الأزمة الحالية تأتي بعد سلسلة من الاضطرابات: إذ حلّ ماكرون البرلمان في صيف 2024 قبل الأولمبياد لمنع صعود حزب التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان، لكن خطوته جاءت بنتائج عكسية وأدت إلى برلمان منقسم. بعدها تولى ميشيل بارنييه رئاسة الحكومة لكنه سقط في ديسمبر بعد فشل خطة ضبط المالية العامة، ليأتي بايرو الذي جعل من خفض العجز برنامجه الرئيسي.