برلين –
في تحول تاريخي للمشهد السياسي الألماني، مُني الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) بهزيمة ثقيلة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 23 فبراير 2025، في حين حقق الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) فوزًا ساحقًا أعاد المحافظين الجدد إلى الواجهة السياسية بقوة. هذه النتائج تعكس تغيرات جذرية في مزاج الناخب الألماني، وسط أزمات اقتصادية وتحديات اجتماعية تعصف بالبلاد.
الاشتراكيون في أدنى مستوياتهم
لأول مرة في تاريخه الحديث، تراجع الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى نسبة 15% فقط من الأصوات، متكبّدًا أسوأ نتيجة منذ الحرب العالمية الثانية. ورغم قيادة المستشار أولاف شولتز للحكومة الائتلافية خلال السنوات الماضية، إلا أن الناخبين عاقبوا الحزب على ما اعتبروه فشلًا في التعامل مع الأزمات الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة.
في آخر خطاب له قبيل الانتخابات، حذر شولتز من تصاعد الشعبوية وانعدام الاستقرار السياسي، لكنه فشل في إقناع الناخبين بمنحه فرصة أخرى.
انتصار تاريخي للمحافظين بقيادة ميرتس
في المقابل، قاد فريدريش ميرتس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي إلى فوز كاسح، حيث حصد الحزب 30% من الأصوات، ليصبح القوة السياسية الأولى مجددًا. ميرتس، الذي تبنّى خطابًا محافظًا مع وعود بتشديد سياسات الهجرة وإصلاح الاقتصاد، نجح في إعادة ثقة شريحة واسعة من الناخبين الذين فقدوا الثقة في حكومة شولتز الائتلافية.
“ألمانيا تحتاج إلى قيادة قوية وإصلاحات جذرية، ولن نقبل باستمرار حالة الركود التي عشناها خلال السنوات الماضية”، قال ميرتس في خطاب النصر بالعاصمة برلين.
اليمين المتطرف يرسّخ حضوره
لم يكن المحافظون وحدهم الفائزين في هذه الانتخابات، إذ واصل حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) اليميني المتطرف صعوده، ليصبح القوة الثانية في البرلمان بنسبة 20% من الأصوات. هذا التقدم غير المسبوق يثير مخاوف في الأوساط السياسية والإعلامية بشأن مستقبل الديمقراطية في ألمانيا، خصوصًا مع مواقف الحزب المتشددة تجاه قضايا الهجرة والاتحاد الأوروبي.
تحديات تشكيل الحكومة
رغم فوز الاتحاد الديمقراطي المسيحي، إلا أن تشكيل الحكومة لن يكون سهلًا، إذ يحتاج الحزب إلى تحالفات لتأمين الأغلبية البرلمانية. ومن المتوقع أن تبدأ مفاوضات صعبة بين CDU وحزب الخضر أو الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي بات في موقف ضعيف بعد نتائجه المخيبة.
محللون سياسيون يشيرون إلى أن هذه الانتخابات تمثل بداية عهد جديد في السياسة الألمانية، حيث تتراجع الأحزاب التقليدية لصالح قوى سياسية أكثر تشددًا وتغييرًا في أولويات الناخبين.
تبقى الأيام القادمة حاسمة، حيث ستحدد التحالفات المقبلة شكل الحكومة الألمانية القادمة، وسط أزمات اقتصادية وسياسية معقدة.