وثائق مسربة من وزارة الدفاع الألمانية تكشف خطة مفصلة تشير إلى أن روسيا قد تصعد النزاع في أوكرانيا إلى حرب شاملة خلال 18 شهرًا. صحيفة “بيلد” الألمانية نشرت تفاصيل هذه الوثائق، التي تلمح إلى احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة.
التفاصيل:
توضح الوثائق أن بوتين ينوي استخدام بيلاروسيا كنقطة انطلاق للغزو، على غرار ما قام به في حربه ضد أوكرانيا في فبراير 2022. هذا الكشف يأتي بعد أيام قليلة من تحذير وزير الدفاع المدني السويدي بأن السويد قد تواجه خطر الحرب، داعيًا المواطنين إلى الانضمام للدفاع الطوعي استعدادًا لأي هجوم روسي.
موقف ألمانيا:
ألمانيا تتخذ من التهديدات الروسية أمرًا جديًا، إذ تستعد القوات المسلحة الألمانية لتصدي هجوم روسي محتمل على الجانب الشرقي لحلف الناتو بحلول صيف 2025. الوثيقة السرية “التحالف الدفاعي 2025” تفصل خطط روسيا لتعبئة 200,000 جندي، تمهيدًا لهجوم ربيعي ضد القوات الأوكرانية في هذا العام.
التقدم الروسي:
يتوقع أن تحقق روسيا انتصارات مهمة في أوكرانيا بحلول يونيو، في ظل تناقص الدعم الغربي. تتضمن الخطة إطلاق هجمات سيبرانية في دول البلطيق، بالتزامن مع تحريض العنف في استونيا، لاتفيا، وليتوانيا، عبر الادعاء بأن الأقليات الروسية تتعرض للاستهداف.
المناورات العسكرية:
ستنشب اشتباكات في دول البلطيق نتيجة تدخلات روسيا، وسيستغل بوتين ذلك لإطلاق تمرين عسكري واسع النطاق بإرسال 50,000 جندي روسي إلى بيلاروسيا وغرب روسيا بحلول سبتمبر. في أكتوبر، يخطط بوتين لنقل القوات وصواريخ متوسطة المدى إلى كالينينجراد، الجيب الروسي بين بولندا وليتوانيا، مع استمرار التحريض ضد الناتو.
الهدف الرئيسي:
يستهدف بوتين فجوة سوفالكي، شريط أرضي ضيق بين بولندا وليتوانيا وكالينينجراد، وهو الحد البري الوحيد بين أوروبا القارية ودول البلطيق. أي هجوم حتى لو كان صغيرًا على هذه المنطقة قد يسبب مشاكل كبيرة لحلف الناتو ويؤدي إلى احتمالية نشوب حرب عالمية ثالثة.
الاستعدادات الدفاعية:
على الرغم من وجود آلاف الجنود من الناتو، بما في ذلك الجنود البريطانيين، في دول البلطيق، إلا أن دورهم هو مجرد “قوة تحذير”. مهمتهم هي تأخير أي قوة غازية حتى وصول الجيش الرئيسي للناتو.
التطورات المستقبلية:
بحلول ديسمبر، من المتوقع أن تروج موسكو لدعاية كاذبة حول نزاع حدودي وأعمال شغب في فجوة سوفالكي. وفي حالة هزيمة الرئيس جو بايدن في الانتخابات الرئاسية، قد يبدأ بوتين هجومه على أراضي الناتو. وفي اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، ستتهم موسكو الغرب بالتحضير لهجوم على روسيا.
رد الفعل الدولي:
وفقًا للسيناريو، سيعقد الناتو اجتماعًا خاصًا في يناير 2025، حيث تبلغ بولندا ودول البلطيق عن تزايد التهديد الروسي وتطلب المساعدة. وبحلول مارس 2025، ستزيد روسيا من نشر قواتها نحو البلطيق وبيلاروسيا.
الاستعدادات لـ “يوم X”:
في تاريخ غير محدد يُسمى “يوم X”، سينشر الناتو 300,000 جندي، بما في ذلك 30,000 من ألمانيا، للدفاع عن الجناح الشرقي للتحالف ضد هجوم روسي وشيك. لا توضح الوثائق ما إذا كان نشر قوات الناتو سيثني روسيا عن الهجوم.
تعليقات رسمية:
صرح المتحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية لصحيفة “بيلد” بأنه لا يرغب في التعليق على السيناريو الدفاعي المحدد لحلف الناتو، لكنه أكد أن النظر في سيناريوهات مختلفة، حتى تلك التي تبدو مستبعدة للغاية، يعتبر جزءًا من العمل العسكري اليومي، خاصة في التدريبات.
تحذيرات دولية:
جاء تسريب الوثائق في الوقت الذي حذرت فيه رئيسة وزراء إستونيا، كايا كالاس، أوروبا من أن لديها ما بين ثلاث إلى خمس سنوات للاستعداد لعودة روسيا كتهديد عسكري جدي على الجناح الشرقي لحلف الناتو. وأكدت كالاس في تصريح لصحيفة “ذا تايمز” أن التقديرات الاستخباراتية تشير إلى أن هذا يعتمد بشكل كبير على كيفية إدارة الوحدة والموقف تجاه أوكرانيا، مشيرة إلى أن روسيا تسعى لفترة توقف لجمع مواردها وقوتها.
مخاوف السويد:
جاءت هذه التحذيرات بعد أيام من تحذير وزير الدفاع المدني السويدي، كارل-أوسكار بولين، بأن بلاده قد تواجه احتمال الحرب قريبًا. في خطابه الذي ألقاه في مؤتمر “فولك أوخ فورسفار” (المجتمع والدفاع) السنوي في سالين، دعا بولين المواطنين للتفكير في موقفهم إذا ما جاءت الحرب.
رد فعل بريطانيا:
كما أعلن وزير الدفاع البريطاني جرانت شابس أن المملكة المتحدة سترسل 20,000 فرد من القوات المسلحة إلى واحدة من أكبر تدريبات حلف الناتو منذ الحرب الباردة. وصف شابس هذا الانتشار بأنه الأكبر لبريطانيا لحلف الناتو خلال أربعة عقود، ويهدف إلى “توفير الاطمئنان الحيوي” ضد “تهديد” الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
التحركات البريطانية:
ستشمل المشاركة البريطانية طائرات مقاتلة وطائرات استطلاع، وأحدث سفن البحرية الملكية والغواصات، بالإضافة إلى مجموعة كاملة من القدرات البرية، بما في ذلك القوات الخاصة. سترسل لندن مجموعة ضربة حاملة الطائرات، التي تتميز بحاملة الطائرات الرائدة وطائرات الـ F-35B المقاتلة والمروحيات، للمشاركة في التدريبات في شمال الأطلسي وبحر النرويج وبحر البلطيق.
وسيتم نشر حوالي 16,000 جندي في أنحاء أوروبا الشرقية من الشهر المقبل حتى يونيو، مصطحبين معهم دبابات ومدفعية ومروحيات ومظلات. شدد شابس في خطابه الرئيسي منذ تعيينه في المنصب في أغسطس على أن العائد من السلام بعد الحرب الباردة قد انتهى ويجب على الحلفاء الغربيين مواجهة التحديات بما في ذلك الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا.
وأضاف شابس أن الوضع الحالي يتطلب واقعية صارمة، مشيرًا إلى أن خصوم الناتو أصبحوا أكثر ترابطًا من أي وقت مضى وأن الحلفاء الغربيين يقفون عند مفترق طرق حاسم. وصف الوضع بأنه يتميز بإعادة بناء الخصوم لحواجزهم وإحياء الأعداء القدامى، وإعادة رسم خطوط المعارك، حيث يتمركز الجيش الروسي على حدود أوكرانيا، مما يهز أسس النظام العالمي.
الضربات الأنجلو-أمريكية:
تطرق شابس أيضًا إلى الضربات المشتركة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن الأسبوع الماضي. لفت إلى أن هذه الضربات كانت موجهة كعملية منفردة، مشيرًا إلى تكرار الحوثيين لهجماتهم على الشحن في البحر الأحمر خلال الأشهر الأخيرة، احتجاجًا على الحرب في غزة.
الموقف المستقبلي:
وعند سؤاله عن خطط لمزيد من العمليات العسكرية، أجاب شابس بأنه لا يمكنه التنبؤ بالمستقبل، لكنه أكد على عدم التسامح مع إغلاق ممر مائي رئيسي بشكل دائم أمام الشحن الدولي.
ختام:
يشير تسريب هذه الوثائق والتحركات الدولية إلى تصاعد التوترات والاستعدادات لمواجهة تهديدات عسكرية محتملة، في ظل التطورات الجارية على الساحة الأوروبية والعالمية. تقف الدول المعنية وحلفاءها في مواجهة معضلات دبلوماسية وعسكرية كبيرة، وتتزايد الحاجة إلى إدارة استراتيجية وحكيمة للأزمات لتجنب التصعيد إلى حرب شاملة.