جدة – صحيفة Arab24
انطلقت، اليوم الثلاثاء، في مدينة جدة السعودية جولة محادثات مهمة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، في محاولة لإيجاد مسار دبلوماسي لإنهاء الحرب المستمرة مع روسيا. تأتي هذه المحادثات وسط تحولات واضحة في السياسة الأمريكية تجاه الأزمة الأوكرانية، حيث زادت الضغوط على كييف للانخراط في مفاوضات مباشرة مع موسكو.
زيلينسكي يسعى لإحياء العلاقات مع واشنطن
يأمل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن تؤدي هذه المحادثات إلى إعادة ضبط العلاقات مع الولايات المتحدة، بعد التوتر الذي شهدته زيارته الأخيرة إلى واشنطن، والتي تخللتها مشادة كلامية حادة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأكد مستشاره أندري يرماك أن كييف “مستعدة للتفاوض من أجل تحقيق السلام”، مضيفًا:
“نحن على استعداد لبذل كل ما في وسعنا لتحقيق حل سياسي ينهي الحرب.”
واقترح زيلينسكي هدنة في الجو والبحر كخطوة أولى، بهدف إظهار التزامه بالسعي نحو السلام، وهو ما يتماشى مع تصريحات ترامب الذي يتهم أوكرانيا بعدم الجدية في إنهاء الحرب.
الهجوم الأكبر على موسكو يعقد المفاوضات
تزامنت هذه المباحثات مع هجوم أوكراني هو الأكبر من نوعه على العاصمة الروسية موسكو، حيث استهدفت 91 طائرة مسيرة مواقع حيوية، مما أدى إلى مقتل شخص وإصابة 18 آخرين، إضافة إلى إغلاق عدة مطارات وتحويل مسارات رحلات جوية.
ورغم نجاح الدفاعات الروسية في إسقاط 337 طائرة مسيرة خلال الهجوم، فإن التوقيت يحمل رسالة سياسية واضحة مفادها أن كييف لا تزال قادرة على شن هجمات واسعة، بالرغم من التصعيد الروسي الأخير، والذي أسفر عن مقتل 14 شخصًا في غارات على أوكرانيا.
تعليق الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا
شهدت العلاقات بين كييف وواشنطن توترًا ملحوظًا منذ لقاء زيلينسكي وترامب في البيت الأبيض، حيث علقت الإدارة الأمريكية المساعدات العسكرية لكييف، بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية وصور الأقمار الصناعية، في محاولة للضغط على أوكرانيا للجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وفي هذا السياق، صرّح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو:
“نأمل أن نتمكن من التوصل إلى اتفاق، تعليق المساعدات ليس دائمًا، ونسعى لإيجاد حل عملي لهذا الملف.”
وبحسب تقارير، فإن أحد أسباب تعليق المساعدات الأمريكية كان رفض زيلينسكي التوقيع على اتفاق يمنح واشنطن حقوقًا في الثروات المعدنية الأوكرانية كتعويض عن الأسلحة التي تم إرسالها. لكن الرئيس الأوكراني أبدى لاحقًا استعداده للنظر في الاتفاق، مما قد يفتح الباب لإعادة الدعم الأمريكي.
لقاء زيلينسكي – بن سلمان: دعم سعودي لمسار السلام
عقد الرئيس الأوكراني اجتماعًا مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حيث أكد الجانبان أهمية الوصول إلى حل سياسي شامل ودائم للأزمة. كما ناقشا تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية، خصوصًا في قطاعات الطاقة والصناعات الغذائية والبنية التحتية.
وجاء في بيان مشترك نشرته وكالة الأنباء السعودية أن الطرفين “أكدا عزمهما على تعزيز التعاون في مجال النفط والغاز والبتروكيماويات.”
اجتماعات موازية في باريس: الناتو يناقش نشر قوات لحفظ السلام
بالتزامن مع محادثات جدة، يُعقد اليوم اجتماع رفيع المستوى في باريس، يضم رؤساء أركان جيوش الدول الداعمة لأوكرانيا، لمناقشة إمكانية نشر قوات أوروبية لحفظ السلام.
وقد نظّم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا الاجتماع، بمشاركة ألمانيا، المملكة المتحدة، وبولندا، رغم عدم نشر قائمة كاملة بالمشاركين.
وكانت فرنسا وبريطانيا قد طرحتا سابقًا فكرة تشكيل قوة أوروبية لحفظ السلام، لكن حتى الآن لم تتم مناقشة وقف إطلاق النار رسميًا بين موسكو وكييف.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو:
“المحادثات ستركز على كيفية دعم الجيش الأوكراني على المدى الطويل، وتحديد طبيعة القوات التي يمكن نشرها لتأمين اتفاق السلام.”
كما طرح وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو مقترحًا لإنشاء مستودعات أسلحة في أوروبا لتزويد أوكرانيا بالأسلحة بعد أي وقف لإطلاق النار، في حال تجددت المعارك مستقبلاً.
خلاصة
🔹 المفاوضات الأمريكية الأوكرانية في جدة تمثل محاولة لإنهاء الحرب سياسيًا، لكنها تأتي في وقت يشهد تصعيدًا عسكريًا كبيرًا بين كييف وموسكو.
🔹 الولايات المتحدة علّقت المساعدات العسكرية للضغط على زيلينسكي للدخول في محادثات مع روسيا.
🔹 الهجوم الأوكراني على موسكو يعقّد جهود السلام، ويظهر أن كييف لا تزال تمتلك قدرة عسكرية هجومية.
🔹 اجتماعات باريس تناقش نشر قوات أوروبية لحفظ السلام، لكن الفكرة لا تزال تواجه تحديات سياسية ودبلوماسية.
هل تنجح هذه الجهود الدبلوماسية في وضع حد للحرب المستمرة، أم أن التصعيد العسكري سيبقى سيد الموقف؟