برلين – 4 سبتمبر 2025 | عرب 24
كشفت نتائج استطلاع حديث أعدّه معهد فورسا لصالح اتحاد موظفي الخدمة العامة (DBB) عن أزمة ثقة متصاعدة بين المواطنين الألمان ومؤسسات الدولة. فقد أعرب 73% من المستطلَعين عن اعتقادهم بأن الدولة “مُثقلة بالمهام وعاجزة عن إدارة المشكلات”، في حين يرى 23% فقط أنها ما تزال قادرة على أداء مهامها الأساسية.
فقدان ثقة متجذّر في الشرق
الأرقام أكثر خطورة في شرق البلاد، حيث لا يثق سوى 17% من المواطنين بقدرة الدولة على الإنجاز. ويمثل ذلك فجوة كبيرة مقارنة بالغرب، ويعكس استمرار الانقسام في النظرة إلى مؤسسات الدولة بعد أكثر من ثلاثة عقود على الوحدة الألمانية.
القطاع العام: توسع بلا ثقة
رغم زيادة عدد موظفي الخدمة العامة في السنوات الأخيرة، لم يتحقق تحسّن في صورة الدولة لدى المواطنين. بل على العكس، يرى 50% من الألمان أن القطاع العام بات “مكلفاً بشكل مبالغ فيه”، مقارنة بـ 32% فقط قبل عشر سنوات.
رئيس اتحاد DBB، فولكر غاير، وصف النتائج بأنها “درامية”، محذراً من انهيار شرعية الدولة إن لم يُفتح حوار جدي مع المواطنين حول أولوياتها، مضيفاً:
“على السياسة أن تحدد بوضوح ما الذي يمكن للدولة أن تفعله، وتضمن أن القطاع العام قادر على تنفيذه بفعالية.”
ملفات تكشف العجز
المستطلعون أشاروا إلى أبرز المجالات التي تمثل دليل العجز الحكومي:
-
سياسة اللجوء واللاجئين: الملف الأكثر حساسية في نظر الرأي العام.
-
الضمان الاجتماعي ونظام التقاعد: في المرتبة الثانية.
-
السياسة المالية والضرائب، يليها الأمن الداخلي: في المراتب اللاحقة.
هذه النتائج تُظهر أن التحديات المرتبطة بالهجرة والرعاية الاجتماعية أصبحت محورية في تقييم المواطنين لفاعلية الدولة.
تصاعد العنف ضد موظفي الدولة
إلى جانب أزمة الثقة، تبرز مشكلة متنامية تتمثل في العنف الموجّه ضد موظفي القطاع العام:
-
16% من الموظفين قالوا إنهم تعرضوا للضرب أثناء عملهم.
-
33% أبلغوا عن محاولات اعتداء جسدي.
-
30% من المواطنين أكدوا أنهم شهدوا حوادث من هذا النوع.
ردود الفعل بين الموظفين تعكس القلق:
-
52% يطالبون بتشديد العقوبات على المعتدين.
-
42% يرون ضرورة توفير تدريبات في الدفاع عن النفس.
خلاصة وتحذير
تكشف هذه الأرقام أن أزمة الثقة بين الدولة والمجتمع في ألمانيا وصلت إلى مستوى خطير. لا يتعلق الأمر بعدد الموظفين أو حجم الميزانيات فقط، بل بمدى قدرة الدولة على معالجة ملفات حيوية مثل الهجرة، الأمن الداخلي، والسياسة الاجتماعية.
إذا لم تتخذ الحكومة خطوات إصلاحية سريعة وشفافة، فإن الفجوة بين المواطنين والدولة مرشحة للتوسع، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام تصاعد نفوذ الأحزاب الشعبوية ويهدد استقرار النظام السياسي الألماني.