برلين – في آخر مناظرة قبل الانتخابات البرلمانية الألمانية، أعلن المستشار أولاف شولتس (SPD) بشكل قاطع استبعاده لأي تحالف مع حزب “بوندنيس سارة فاغنكنشت” (BSW) أو حزب اليسار (Die Linke)، مؤكداً أن تشكيل حكومة مع أي منهما “غير وارد على الإطلاق”.
جاء هذا التصريح خلال المناظرة التي نظمتها صحيفتا دي فيلت وبيلد، حيث قال شولتس إنه لا يمكنه “تصور” تحالف مع أحد هذين الحزبين، مضيفاً أن الأمر “خارج نطاق النقاش تماماً”. وأشار إلى أن موقفي الحزبين من دعم أوكرانيا يجعلان أي تعاون معهما مستحيلاً، حيث اعتبر أن “كلاهما يريدان ترك أوكرانيا وحدها”، وهو ما يتناقض مع موقف الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) الذي يصر على دعم كييف في مواجهة روسيا.
استبعاد التحالف يقلل فرص شولتس في ولاية ثانية
يأتي موقف شولتس الحاسم في وقت حرج، إذ تزداد التكهنات حول صعوبة تشكيل ائتلاف حكومي بعد الانتخابات. ومع استبعاد التحالف مع BSW أو اليسار، تتقلص خيارات المستشار الحالي، ما قد يضعف فرصه في البقاء لولاية ثانية.
وكانت بعض التحليلات قد أشارت مؤخراً إلى إمكانية تشكيل حكومة أقلية بقيادة شولتس بدعم من حزب الخضر واليسار، لكن هذه الفرضية أصبحت أقل احتمالاً بعد تصريحاته الأخيرة.
مصير BSW واليسار في البرلمان على المحك
من ناحية أخرى، لا تزال مسألة دخول BSW واليسار إلى البرلمان غير محسومة. ففي حين أن حزب اليسار شهد مؤخراً ارتفاعاً طفيفاً في شعبيته (6%، بزيادة نقطة مئوية واحدة)، فإن BSW لا يزال عند 4%، وهو ما يجعله مهدداً بعدم تجاوز عتبة الـ5% اللازمة لدخول البوندستاغ.
أما الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، الذي يقوده شولتس، فلا يزال يعاني من تراجع شعبيته، إذ سجل 15% فقط، ما يجعله في وضع ضعيف مقارنةً بالاتحاد المسيحي الديمقراطي (CDU/CSU)، الذي يتصدر الاستطلاعات بـ31% (+1)، وحزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) الذي يأتي في المرتبة الثانية بـ20% (-1). أما حزب الخضر (GRÜNE) فقد تراجع إلى 13% (-1)، بينما يبقى الحزب الديمقراطي الحر (FDP) عند 4%، مما يعرضه لخطر عدم دخول البرلمان كذلك.

هل يعاقب الناخبون شولتس في انتخابات 23 فبراير؟
مع اقتراب موعد الانتخابات في 23 فبراير، بات واضحاً أن المشهد السياسي الألماني يتجه نحو تغيرات كبيرة. فحالة الاستياء من الحكومة الحالية تنعكس على نتائج استطلاعات الرأي، حيث يبدو أن الناخبين يفقدون الثقة في الأحزاب التقليدية، خاصة الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD).
ويرى مراقبون أن تصريحات شولتس القاطعة بشأن رفضه التحالف مع BSW واليسار قد تكون محاولة لاستمالة الناخبين الوسطيين الذين يعارضون مواقف هذين الحزبين، خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ودعم أوكرانيا. لكن في المقابل، قد تؤدي هذه الاستراتيجية إلى نفور الناخبين الذين كانوا يأملون في تحالف يساري موسع لمواجهة الأحزاب اليمينية الصاعدة.
ويبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن شولتس من قلب الموازين في الأيام الأخيرة قبل الانتخابات، أم أن الناخبين الألمان سيتجهون إلى بدائل أخرى، مما قد يمهد الطريق لحكومة محافظة بقيادة الاتحاد المسيحي الديمقراطي؟