برلين – وكالة الأنباء الألمانية (DPA)
قالت مصادر حكومية ألمانية، اليوم الأربعاء، إن الحكومة الألمانية تخطط لإرسال خبراء في إدارة الحدود إلى معبر رفح بين مصر وقطاع غزة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الدور الأوروبي في ضبط المعبر الحدودي الوحيد الذي يربط القطاع بالعالم الخارجي.
تعديل قانوني يمهد لنشر قوات مسلحة
ولتنفيذ هذه الخطوة، تعتزم برلين تعديل قرار حكومي صادر عام 2005، والذي كان يسمح فقط بإرسال أفراد غير مسلحين. ووفقًا للمصادر الحكومية، فإن التعديل المقترح سيتيح نشر قوات مسلحة، نظرًا للظروف الأمنية الحالية التي تعتبر خطرة للغاية على الحراس غير المسلحين.
ويأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه الجهود الأوروبية لإعادة تفعيل بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية (EUBAM) في معبر رفح، والتي كانت قد علقت عملياتها منذ عام 2007 بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة.
دور الاتحاد الأوروبي في تأمين المعبر
من المتوقع أن يكون الانتشار الألماني جزءًا من بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية في معبر رفح، التي من المقرر أن تستأنف عملياتها بعد توقف دام سنوات. وكانت البعثة قد أُنشئت لأول مرة عام 2005 بهدف ضبط المعبر، لكنها توقفت عن العمل بعد أن سيطرت حركة حماس على غزة، ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى تعليق تعاونه مع الحركة.
وفي المرحلة الأولى، سيتم نشر عدد محدود من خبراء الحدود الأوروبيين وموظفي الدعم للإشراف على عمليات التفتيش الحدودية، مع إمكانية بدء المهمة اعتبارًا من مطلع فبراير/شباط المقبل، وفقًا للمصادر ذاتها.
جهود دبلوماسية أوروبية لدعم المبادرة
يتزامن هذا التطور مع جهود دبلوماسية متزايدة من قبل دول أوروبية لإعادة فتح المعبر، كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، والذي يهدف إلى تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وفي هذا الإطار، صرح وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاجاني، يوم الإثنين، بأن إيطاليا وإسبانيا وفرنسا ستكون أول ثلاث دول أوروبية ترسل أفرادًا إلى معبر رفح. كما أكدت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، دعمها لهذه المبادرة، مشيرة إلى أن إرسال قوات أوروبية يمثل “إشارة مهمة على التزام أوروبا بالمسؤولية العالمية.”
الاتحاد الأوروبي يعيد تفعيل بعثته المدنية
في سياق متصل، أعلن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الإثنين الموافقة على إعادة نشر بعثة مدنية لمراقبة معبر رفح. وأوضحت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، في منشور عبر منصة “إكس”، أن إعادة نشر البعثة ستمكن من تسهيل خروج المصابين من غزة لتلقي العلاج الطبي، إلى جانب دعم وقف إطلاق النار.
وأضافت كالاس أن هناك “توافقًا كبيرًا” بين الدول الأوروبية على أن بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية في معبر رفح يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في دعم جهود التهدئة في المنطقة.
وقف إطلاق النار واتفاق تبادل الأسرى
يأتي إعادة فتح معبر رفح ضمن اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بين حماس وإسرائيل، والذي رعته مصر وقطر والولايات المتحدة. وينص الاتفاق، الذي تم الإعلان عنه يوم 15 يناير/كانون الثاني الجاري، على تبادل المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، إضافة إلى خطوات تهدف إلى تحقيق هدنة مستدامة بين الطرفين.
ويتضمن الاتفاق ثلاث مراحل، حيث تشمل المرحلة الأولى، التي تمتد لمدة 42 يومًا، الإفراج عن 33 محتجزًا إسرائيليًا، مقابل إطلاق سراح أكثر من 1890 أسيرًا فلسطينيًا.
أبعاد القرار الألماني وتداعياته
يأتي التحرك الألماني في إطار توجه أوسع من دول الاتحاد الأوروبي لإعادة الانخراط في الملف الفلسطيني – الإسرائيلي، وسط تصاعد الانتقادات الدولية بشأن الوضع الإنساني في غزة. ومع ذلك، يثير هذا القرار تساؤلات حول مدى استدامة وجود قوات أوروبية في بيئة أمنية شديدة التعقيد، خاصة مع المخاوف من تصعيد جديد قد يعرقل جهود استعادة الاستقرار.
يبقى أن نرى كيف ستتفاعل الأطراف الإقليمية مع هذه المبادرة، وما إذا كانت هذه الخطوة ستسهم فعلاً في تحقيق وقف إطلاق نار دائم، أم أنها ستكون مجرد إجراء مؤقت في ظل توترات لا تزال قائمة على الأرض.